... تأمـــلات دامعـــــــة....
عندما يصبح صفر الشمال رقما ذا أهمية...تزداد تدفقا وبقوة ضخات شرايين قلبي
عندها أشعر أني ملك بدون عرش... وسجين ينعم بالحرية المطلقة, وجنين في رحم تمساح
يتغذى على حليب قاتم السواد , ممزوجا بسكر أمر من العلقم ..........
يرى ويبصر بأذنيه , ويكلم الصم بربع عين ضرير ..فيداه المقيدتان بخيوط أنعم من الحرير
تصفد معصميه, وتنهاه عن البطش وتمنعه من لمس حبات الخوخ , لأن ذلك يؤذي مظهرها
وباطنها, ويا ليت الأمر توقف عند هذا بل تجاوزه ليمسي هذا الملك دمية بين أيادي بنات الحي
يتفنن
في تجهيزه ليعجب القردة من أبنائه .................... وتنقشع السحب
الداكنة مخلفة وراءها هيكلا لا يصلح إلا للعرض, ليجلب كثيرا من السياح من
ذوي الأصول الخنزيرية , فيتسابق أعرجهم لخلع الضلع الأيسر من جسد الملك
الدمية , وهل بعد الخلع من حياة إلا حياة تشدها أنياب مصاصي الدماء, ممن
يقتاتون على مذبح الكرامة , ويبيتون سمرا على استثمار بنات أفكارهم
الشيطانية , للإيقاع بالآمنين والمحصنات , فإذا ما انسلخ ليلهم تراهم
كالخفافيش المخنثة في شقوق الجدران والمباني المهجورة ....................
هؤلاء
وهؤلاء هم سواد المجتمع اليوم وبعض أمرائه , بيدهم الحل والربط , يحدوهم
في ذلك ما خلفه الشقاق والنفاق بعد رحيلهما ......فهم الورثة الشرعيون,
والحماة لمواطن ما يدعى في عرفهم الحضارة والفضيلة . وتنصب المشنقة في ساحة
اللهو والبذخ , وترى أمراء الرذيلة حولها متحلقين والخيلاء آخذة منهم كل
الألباب , وفوق رأس كل منهم غراب زين بريش حمامة نعتا لعلو همته , وهم على
هذا الحال يعلمون يقينا أنهم أرذل أرذل القوم..............
ولكن ما العمل وقد حل زمن الرداءة ؟ وللرداءة رجالها , ورجالها هم هؤلاء ................
حق لك أيتها الفضيلة...أيها الكرم.... أيها الصدق... أيها العدل.. أيتها النخوة.. أيها الإيثار..
أيتها
العزة.. حق لكم جميعا أن ترحلوا بلا عودة , وفتشوا عن أرض وأناس يتقبلونكم
ويذوبون في شهدكم , إن وجدوا , وإن وجدوا فهم قلة من قلة في هذا الزمن
.......؟
وما موعد زوال هذا العبث.. هذا التفث ببعيد , فقد أوشك أن يتولى , وتطمس معالمه ..
فصبرا أيتها الحرة صبرا ...فصبرا واصطبارا أماه .. صبرا أيها الأبي فالليل منجلي وبانجلائه
تطفو فوق الأوحال جثث هؤلاء لتكون عبرة لمن أنقاد لهم أو حتى فكر يوما في أن يكون.....
فيعم
النور والسلام , وينتشر الحب والوئام فوق أرض لطلما دنستها حوافر هؤلاء ,
عندها ينزل من السماء من كلم الناس وهو في المهد...........
إبراهيم تايحي
المشاركات
0 التعليقات:
إرسال تعليق